بيان حزب النهضة الإرتري في عيد الإستقلال الوطني في عامه السادس والعشرون
ان الاستقلال الارتري تحقق بارادة شعب قاهر تجاوز كل المؤامرات وانتصر على كل الاعداء ، ثورته المظفرة كانت معلما بارزا في تاريخ الشعوب ومسيرة البشرية ، فقد اثبت شعبنا البطل بان ارادة
الشعوب لا تقهر ودفع ثمنا غاليا من اجل تحقيق رغبته المتمثلة في الاستقلال ونيل الحرية التي لم ير لها بديلا ولم يقبل بحلول وسطية ، هذه الارادةالصلبة لم تكن وليدة لحظة ومصادفة انما هي نابعة من وعي متقدم وتحضر انموذجي بالمنطقة ، استشعر شعبنا باهمية الاستقلال للشعوب والانعتاق من قبضة المستعمرين حيث عد هذا الانعتاق شرطا لتقدمه وتطوره في نهضة تشمل كافة جوانب الحياة.
ثورته المظفرة كانت مدرسة الهبت شعوب المنطقة وجعلتها تنطلق نحو المطالبة بحقها المشروع ولذلك عدت نموذج لمعجرات القرن العشرين في التصدي والصمود غيرت كافة الموازين وابطلت الاتفاقات التي وضعتها دول افريقيا بالابقاء على الحدود الموروثة من المستعمر، ثورته المظفرة اثبتت بان التحالفات والمؤامرات لن تقف عائقا امام ارادة وزحف الشعوب نحو تحقيق مصائرها وتملك قرارها، فالوعيد والرعب الذي مورس على شعبنا حوله الى نمرود فظل ممسكا بالبندقية التي لجأ اليها بعد ان فشلت كل الوسائل السلمية في الانتصار لقضيته المشروعه .
ان مشروع الاستقلال الذي نادي بها شعبنا وصار مطلبا ملحا له فقد حقق نتائجه في عام 1991م عندما دخلت طلائع جيش التحرير الارتري العاصمة اسمرة واضعا السطر الاخير في رسالة وداع للاستعمار المتعاقب، وسطر السطر الاول من عهد الحرية والسلام والاستقرار لشعب بطل استحقه بجدارة على ان يمكن في بناء دولته الحلم .
لكن وللاسف الشديد هو ان نظام هقدف ولاجل تحقيق مكاسب ضيقة حول هذا الانتصار وهذه المسيرة من الكفاح المرير والذي توج بالاستقلال الى كابوس والام ومرارات وحسرات يصعب وصفها، هقدف حول نتائج المشروع الوطني الى مكاسب له وللعصابة التي تمسك بمقاليد السلطة في البلاد، ومن اجل الحفاظ ودوام المكاسب ظل ممسكا بالسلطة ويسعى الى ادامتها من خلال شتى الوسائل والحيل في سعي نحو تكريس الواقع الذي لا يلبي رغبة شعبنا ولا يتوافق البتة مع التطلعات والطموحات والاحلام التي دفعت شبابه الى ساحات القتال لمقابلة المستعمر وقد ارتكزت سياسته هذه على عدة محاور دون حصر تمثلت في :-
• تعمد النظام في ممارسة انتهاكات تمس اسس حقوق الانسان المنصوص عليها في ميثاق حقوق الانسان وقد تمثلت في الاعتقالات والتعقب القسري للمواطنين داخل الوطن وخارجه بتهمة انهم يمثلون تهديدا له ، تغييب مواطنين عن المشهد تشبه الافلام البوليسية ، ممارسة التعذيب والتنكيل ، صارت السجون بطول البلاد وعرضها ، صار المساجين يحرمون من ابسط الحقوق حتى زيارة ذويهم ، صار الان يقبع في سجون النظام عشرات الالاف دون محاكمات او تهم واضحة كما مارس النظام نظام السخرة من خلال الخدمة الوطنية التي لا امد لنهايتها فحرم شباب البلاد من صناعة مستقبلهم المشرق وجعلهم يهيمون خارج الوطن هربا من الموت البطيء الذي يمارس في حقهم بحثا عن الحياة الامنة ؛
• التنكر لرفاق الدرب في مسيرة الكفاح والرعيل الاول من المناضلين والوقوف صدا منيعا اما تحقيق رغبتهم في المساهمة في بناء الوطن في كافة المجالات واقامة دستور وطني يكفل في اقامة نظام ديمقراطي تعددي يكفل حق كل المواطنين في المشاركة الحقيقية في كل شئون الوطن ؛
• اتخذ قرارات سياسية منطلقا من القاعدة فرق تسد وهدف من وراءها تجسيد التقسيم والتشرذم بين ابناء الوطن الواحد الذين دفنوا شهداءهم جميعا في خندق واحد ، تمثلت من خلال تقسيم الشعب الارتري الى مكونات اعتمد فيها عامل اللغة فقط في مجافات مكشوفة للواقع والتاريخ الذي يتحدث عن هذا الشعب منذ ان عرفت بما يسمى ارتريا بالمنطقة ، كما تمثلت ايضا في تقسيم ارتريا الى مناطق عوضا عما الفه شعبنا وظل عليه ، فتم دمج مناطق ببعضها لتنفيذ سياسة الاستيطان ولتحقيق ذلك تم منع عودة اللاجئين من خلال وضع كافة العراقيل والمعوقات ، كل ذلك هدف الى ايجاد هندسة ديمغرافية جديدة في محصلتها تخدم النظام وسياسته التخريبية المكشوفة في محصلتها هذه السياسية اضرت ضررا بالغا بالوحدة الوطنية؛
• تنصل هقدف من كافة قرارات المؤتمر العام للجبهة الشعبية لتحرير ارتريا في عام 94م والذي عقد بمدينة نقفا من اهمها العمل لتسليم الشعب الارتري كافة السلطات وان يكون هدف الحكومة المؤقتة وعمرها سنتان في التمهيد الى مرحلة يتمكن فيها شعبنا من اختيار حكومته والتوافق على نظامه السياسي وسن الدستور الوطني وسن القوانين لقيام الاحزاب السياسية تمهيدا لخق بيئة تكفل التداول السلمي للسلطة ، وبذلك انهى الوجود الحقيقي للدولة والحكومة وتحول تدريجيا الى نظام الفرد، حيث صار يمثل رأس النظام الدولة والحكومة والشعب ؛
• سعى نظام هقدف الى التجاهل عمدا للتعبير عن مطالب الشعب والاغفال عن معاناته وبدلا من تحقيق الاستقرار والسلام المستدام للوطن ظل في هجران لهذه المطالب كانه يعيش في كوكب اخر ليست ارتريا التي ظلت في زيل الفقر والجوع والمرض والكبت وممارسة الظلم ؛
• سعى الى اشغال الوطن والمواطنين في قضايا خارج الوطن افتعال نزاعات مع شعوب ودول الجوار والسعي الى فرض سياسة الواقع بالاسلوب الذي يرغب فيه بعيدا عن الاعراف الدولية ، وقد احرجت ممارسات النظام هذه شعبنا البريء المعروف بين شعوب المنطقة بحبه للسلام والوئام وصار النظام يصدر الازمات الى دول الجوار تحت ذريعة مساعدة تلك الشعوب على خلق السلام في بلادها وهو قد فشل في تحقيق ذرة منها في البلاد ، فالمواطن يئن تحت سلسلة من المصائب لا عد لها ولا حصر من المرض ، الفقر ، الظلام ، العطش ، عدم توفر فرص العمل وغيرها ؛
• مارس النظام سياسة مصادرة حق التعبير فعطل الصحافة الحرة وقيد عمل الصحفيين من ممارسة دورهم في تنوير المجتمع وتمليكه الحقائق وتسليط الضوء على ممارسة الحكومة ونقل المعاناة الى الراي العام ، فقد خلق البيئة المناسبة له لكي يعمل ما يشاء بعيدا عن اعين السلطة الخامسة واضواء الاعلام الا من الاعلام الذي يسبح ويمجد له وبذلك تزيلت البلاد زيل القائمة السوداء في العالم في كبت ومصادرة حرية التعبير؛
• اقفل النظام الجامعة الوحيدة في البلاد وابدلها بكليات متناثرة في عرض الوطن وقد هدف من وراء ذلك الى تحييد الطلبة عن الحياة السياسية لان هذه الشريحة تمثل الطليعة المستنيرة بالمجتمع ، ويعول عليها هذا المجتمع في التعبير عن معاناته بفكر متقد ومتطلع لغد افضل لأن هذه الشريحة معنية اكثر من غيرها بالمستقبل حيث هم قادة المستقبل؛
• انهى النظام الوجود الحقيقي للحزب الوحيد في الوطن وهو الجبهة الشعبية للعدلة والديمقراطية وابعده عن مسرح الحياة وجعل منه وعاء فارغا ، حيث راس النظام هو الذي يراسه ويتحكم فيه كيف يشاء ومما يؤكد ذلك عدم عقده لاي مؤتمر بعد عام 94م وقد تبع ذلك تعطيل كافة النقابات والاتحادات من القيام بدورها في تحقيق مصالحها والمشاركة في صناعة القرارات المصيرية للوطن واصبحت هذه هي الاخرى اشكال دون مضمون وتزين بها الاحتفالات الرسمية.
• سعى النظام ومن خلال حرب الحدود التي افتعلها مع اثيوبيا لوضع البلاد في حالة اللاحرب واللاسلم وهدف من وراء ذلك الى اسكات كافة المطالبات بالتغيير وتطبيق الدستور والانفراج نحو حياة سياسية رحبة متذرعا من راء ذلك بالقول باننا نعيش للحفاظ على الاستقلال ونحن مهددين في استقلالنا وهذه السياسة صارت معلوما للقاصي والداني مما يؤكد بان النظام يسعى بشتى السبل الى الابقاء على السلطة في يده دون اكتراث لمتطلبات السلطة وخدمتها للشعب واللعب بمقدرات الوطن وهلاكه .
ان شعبنا الارتري وبعد مضي ستة وعشرون عاما من نيل الاستقلال يجد نفسه اليوم في حكومة تقوده بالحديد والنار وتمارس الخوف والرعب والوعيد ، حكومة عاجزة عن تقديم ابسط متطلبات الحياة للمواطن ،في حكومة عزلت الوطن عن محيطه الاقليمي والدولي ، حكومة من اجل بقاءها دخلت في سياسة المحاور والاستقطابات متجاوزة الخطوط الحمراء التي تمس سيادة الوطن والشعب ، حكومة تشرد اغلى ما يملكه الشعب وهم الشباب الذين يمثلون الدعامة الحقيقة لنهضة الشعوب وبناء اقتصادها ، حكومة صارت توفر سوقا رائجا من ابناء ارتريا لتجار البشر والاعضاء البشرية بالمنطقة.
بهذه المناسبة يؤكد حزب النهضة الارتري بان الشعب الارتري البطل الذي صنع الاستقلال واقتلعه من قبضة الاسد مقدما اغلى ما يملك في سبيل ذلك من الشهداء والمعوقين وتحمل اللجوء والفقر ، فإنه اليوم ايضا قادر على صناعة التغيير واحلال البديل والحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الوطني الذي ارتوى بدماء الشهداء، وسيظل هذا النسيج وهذه اللحمة الوطنية صخرة تتكسر عندها كل محاولة لتفتيته وتمزيقه، فالثورة قائمة من اجل الانسان الإرتري ليعيش حرا كريما في وطن ينعم بالامن والاستقرار والسلام والتسامح والمساواة.
حزب النهضة الارتري
المكتب التنفيذي
24/5/2017م