ملبورن... تجدد خلود أبو الشهداء الشيخ/ عبد القادر كبيري، في ذكرى اغتياله الـ 68
تحت شعار: (على خطى الشهداء لترسيخ قيم الحرية والاستقلال)، أقام حزب النهضة الإرتري – فرع أستراليا، بالتعاون مع مؤسسة كبيري الخيرية، مساء الأحد الـ26 مارس
2017 بمدينة ملبورن حفلا خطابيا كبيرا؛ على معاني وقيم الذكرى الـ 68 لاغتيال أبو الشهداء الزعيم الوطني الشيخ/ عبد القادر كبيري.
وبحضور الفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وممثلو المؤسسات الإعلامية المختلفة، والرعيل الأول، والجاليات العربية والافريقية، وحضور رسمي كبير للحكومة الاسترالية، وولاية فكتوريا. أُفتتح الحفل بآي من الذكر الحكيم، ثم قُدمت سيرة ذاتية مصورة عن حياة شيخ الشهداء، تلاها كلمات تضامنية وقصائد. وكانت الكلمة الرسمية للحفل الخطابي، كلمة رئيس حزب النهضة الإرتري – فرع استراليا الأستاذ/ حسين عبد الواسع جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا
صدق الله العظيم
السيد/ حاج عبد النور، رئيس المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي
السادة قادة الأحزاب والفعاليات السياسية
السادة والسيدات ممثلو منظمات المجتمع المدني
السادة قادة الرعيل الأول
السادة ممثلو المؤسسات الإعلامية
السادة والسيدات أعضاء الحزب
الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه لمن دواعي سرورنا أن نقيم هذا الحفل الخطابي على الذكرى الـ68 لاغتيال أبو الشهداء الشيخ/ عبدالقادر محمد صالح كبيري، بوصفه رمزا من زموزنا الوطنية، رغم أنه ليس بحاجة إلى مناسبة نتذكره فيها، حيث ارتقى سُلَّم العظمة في منتهاها، وهو الذي قدم أغلى ما يملكه الإنسان من اجلِ بلاده وشعبه، متحديا طغيان وجبروت الأعداء، حتى انتصر عليهم، بتحقيق ما آمن به.
إن احتفالنا بذكراه العطر، رغم ما فيها من مرارات، تمثل ضرورة ملحة، حيث نستحضر من خلالها، حجم التضحيات الغوالي، التي قُدِّمت من أجل الحرية والاستقلال، خاصة وقد وصل شعبنا الإرتري مرحلةً من الفهم والادراك السطحي، حتى استوت عنده معاني الحياة والموت والشجاعة، والذل والخنوع، والثورة والاستكانة!!!! كل شيء التبس ببعضه، حتى صرنا نعيش دوامة من القلق والخوف، لا نستطيع التقدم خطوة نحو الأمام. فالمستقبل لم يعد مقنعا؛ لأن نظرتنا إلى الحاضر لم تعد عميقة، بها قدر من التدبر!!! وتماهيا مع ما وصلنا إليه من ضعف، قد يتسآءل البعض، هل نحن بحاجة إلى تذكر يوم اغتيال أبو الشهداء كل عام؟ نقول: نعم نحن بحاجة إلى مثل هكذا تذكر؛ لأنها تعيد إلينا التوازن الذي نسترشد من خلاله، وتهدينا نحو التفكير الأمثل والارتباط بالحقائق والعدل، ونتحلل أيضا من أزمات الواقع المزيف المفتون، الذي أوجد هالاتٍ من الخوف والجبن المنبوذ. نعم نحن بحاجة إلى مثل هذه الذكرى؛ لأنها تمثل إحدى السبل؛ لإعادة قراءة التاريخ وتقييمه من جديد. إننا ومن خلال إقامة مثل هذه الوقفات أمام عظمة قياداتنا التاريخية، بلا شك سنتمكن من توحيد رؤانا الوطنية، والعمل على ترسيخ أهدافهم النبيلة، ومن ثم وضع إقدامهم نحو سُلم المجد، دون النظر إلى الالتزامات الحزبية الضيقة
السادة والسيدات
اننا بحاجة إلى إحياء هذه الذكرى؛ حتى تمتد حلقات التاريخ متصلة دون انقطاع، نقتفي نماذج الكبار فينا، نتوقف في محطات إخلاصهم وتضحياتهم وتفردهم؛ لنقف سدا منيعا أمام محاولات تزييف البعض للتاريخ، في محالة ميؤوسة منهم لتقزيم الأبطال!! إننا وعبر إحيائنا هذه الذكرى العطرة ذكرى اغتيال أبو الشهداء/ عبد القادر كبيري، نقول لا وألف لا، لكل محاولات تزييف التاريخ على هوى وتعصب البعض، بعيدا عن الحقائق والبراهين، فالتاريخ الذي كُتب بالدم الغالي، تضحياته تظل باقية، ولن تمحى أثرها، عن عين وقلب كل راغبٍ في الحرية والعدالة.
إن التاريخ أيها السادة والسيدات، لا يقف بموت الرجال، بل يستمر ببقاء آثارهم واستلهام الأجيال قيمهم، بعضهم من بعض. ونظرا لأن الحق في الحياة المثلى مطلب لا يتوقف بتواري الرجال، فالاستقلال الذي طالب به عظماؤنا وفي مقدمتهم أبو الشهداء الشيخ/ عبد القادر كبيري قد تحقق، عندما أصبحت شجرة الحرية والاستقلال، مغروسة في النفوس، عبر تلك الدماء الطاهرة التي دفعت شعبنا إلى الالتفاف نحو ثورته وتقديم أرواحهم. إننا أيها الحضور، ومن خلال هذه الذكرى نستلهم معنًى كبيرًا جدا وهو أن الحالة الراهنة لا تعني مرحلة مستدامة، بل هي مرحلة من مراحل التاريخ، سيتم تجاوزها بلا شك. وهكذا كان ايمان الشهيد الشيخ/ كبيري الذي قال (تستطيعون اغتيالي، ولكنكم تعجزون أن تغتالوا إرادتي) إنها كلمات بسيطة في حروفها، ولكنها تحمل معنى عظيما من معاني الإباء والشمم. هل نملك اليوم، نفس ارادة الشيخ/ كبيري وبقية العظماء؟ هل نملك إرادة التغيير في امتلاك حريتنا كما تملكنا استقلالنا الذي يوجد اليوم على حافة الخطر ومهدد بالضياع؟ هل نحن مستعدون لدفع ثمن إرداتنا؟ بمعنى آخر هل نحن مستعدون للتضحية من أجل تحقيق كرامتنا في الحياة ؟ إن هذه الذكرى تضعنا أمام اختبار الإرادة والعزائم؟ إن مثل هذه الذكرى، تعيننا جيدا، في تمحيص إراداتنا؛ للتخلص من حالة الذل والخنوع التي سيطرت على حواسنا. ورغم أننا أمام حالة مرضية مجتمعية، إلاَّ أن علاجها ليس مستعصٍ ، سيما إذا ما وضعنا نصب أعيننا نماذجنا الحية، بعيدا عن استحضار نماذج من كتب التاريخ أو تلفيقه. عبر إحيائنا هذه الذكرى، نصبح قادرين على حفظ تاريخنا وتوريثه لأجيالنا المتعاقبة؛ ليكون لهم دافعا في كتابة التاريخ ووضع الحقائق كما هي.
الاخوة والأخوات – الحضور الكريم
هناك أسئلة يصعب الإجابة عليها في وقتنا الحاضر!!! وهي مدعاة إلى مراجعة أنفسنا. فما الذي دفع الشهيد الشيخ/ عبدالقادر كبيري ليضع نفسه ومستقبله، أمام كل التهديدات والمؤامرات؟ وما هي جحم الاحلام والطموحات التي كانت تسكن داخله ودفعت به إلى أن يكون في موقع استهداف كل أعداء الوطن والشعب؟ ولماذا أصبح هدفا لذلك الاستعداء في الوقت الذي كان يفكر فيه لمصلحة الوطن والشعب؟ أمام كل ذلك، ونظرا لأن نفسه كانت كبيرة، لذا دعا إلى سعي الجميع إلى طلب العلم والنهل من معين المعرفة، فعبرهما فقط، تُبنَى الدول وترتقي الشعوب، ويحافظ الناس على مصالحهم عن فهم ودراية.
الاخوة والأخوات الحضور الكريم
لقد أنتقل الشهيد، الى جوار ربه وهو في ريعان شبابه. إذ لم يعش حياته، ويستمتع بشبابه وثروته التي بُسطت أمامه. الشهيد عاش في توافق تام مع تفكيره ومنطق الواقع، حيث الهدف الذي اختاره كان عن قناعة راسخة كان يدرك أن الاختيار الصحيح يستحق العمل والتضحية، إذ به يصدق إن كان الاختيار عن قناعة حقيقية وإيمان راسخ لا يتبدل ولا يتحول مع مرور الزمن وتبدل الاحوال الشهيد الزعيم، تحلى بالجرأة في طرح فكره وخياره، وثابر وتحمل الكثير، رغم المصاعب التي لاحقته؛ جراء موقفه الوطني النبيل. ومثل كل الزعماء الكبار، فقد وهب نفسه رخيصة مقابل الهدف الغالي والأسمى في حياة الشعوب والأمم (الاستقلال والحرية). وقد أدرك بفطنته، أنهما سوف يتحققان لشعبنا عاجلا أو آجلا، وهنا يتجلى إدراك شهيدنا ببصيرته، أن الحق مطلب لن يتحقق، إلاَّ من خلال حركة الشعوب والأمم، ويتوقف متى ما توقفت حركة عزائمهم.
نحن اليوم وبعد مرور 68 عاما، نحي ذكرى اغتياله؛ لأنه كسب قلوب شعبه بقوة العقل والمطلب، والثبات على الموقف، حتى رسخ دوره في قلوب الارتريين، وقد آن الأوان لنقول إن الشعوب لا يمكن أن تقاد إلا بالعقل والمنطق والقانون، وليس بالقهر والتهديد. فكل الذين حاولوا قيادة شعوبهم بغير العقل، ذهبوا واللعنة تلاحقهم.
الاخوة والأخوات – الحضور الكريم
قد يتساءل البعض لماذا يقيم حفلا هكذا على ذكرى اغتيال كبيري؟ لأنه بطل قومي ارتري، ولم يك باحثا عن مجد شخصي او تحقيق مصلحة لنفسه أو بني عشيرته الجبرتة. فقد أكدت سيرته النضالية وخطبه التي أجج به مشاعر الإرتريين وحرك فيهم الحس الوطني، أنه زعيم لكل الإرتريين نحن نقيم هذه الذكرى لأننا لا نرى جهة تعطي هذا الرجل الزعيم القدر الذي يستحقه من الاجلال والتكريم كغيره من الزعامات الارترية. فقد وقع شعبنا الارتري في فخ العصبيات الإثنية، وذهب البعض في تمجيد أدواره النضالية مع إغفالٍ عن عمد لدور وبطولات الآخرين، ومنهم الزعيم الشهيد الشيخ/ عبد القادر كبيري، ما يعني ذلك أننا ابتعدنا عن الوطنية والولاء للوطن وأنصاف العظماء في تأكيد حقهم بقدر عطائهم للوطن، بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية أو المناطقية. وبما أن آفة الجهل هي التي يستغلها بعض السياسيين في ارتريا للوصول إلى مآربهم، بل وصل بالنظام في ارتريا حاليا إلى إنكار وجود الجبرتة في ارتريا كقومية، في محاولة واضحة لطمس كل اسهامات الجبرتة في النضال الارتري وتضحياتهم من اجل الاستقلال، نحن اليوم نقيم هذا الحفل والتكريم؛ لكي نقول لكل الارتريين هذا هو الشهيد كبيري نذكركم به؛ حتى نعود جميعا إلى الوعي الوطني السليم، ونتخلص من رواسب الماض؛ لنبدأ البداية الصحيحة من أجل مستقبل مشرق لإرتريا. إننا نحتفل بذكرى إغتيال كبيري، تعظيما إيضا لكل شهداء ارتريا إجلالا وفخرا، وإلى كل من قدم شيئا ولو يسيرا لهذا الوطن الغالي، كلهم جميعا نقلدهم تاج عز ووقار ونفتخر به على مر العصور.
إن هذه المناسبة ننظر إليها، بوصفها حالة وطنية، يلتف حولها كل الارتريين؛ لتأكيد أننا جميعا لحمة واحدة، يجمعنا وطن واحد، نسخر من أجله كل طاقاتنا ومقدراتنا؛ حتى نتجاوز مرارات الحاضر. كما أنها فرصة لمراجعة العديد من تصرفاتنا التي نقوم بها؛ ومن ثم الوصول إلى إجابات مفقودة؛ ومن خلال مراجعات كهذه، بلا شك سنجد أنفسنا في نهاية المطاف مواطنين إرتريين، أحرار مكرمين، وننطلق من جديد لبناء ارتريا التي ضحى من أجلها كل الشهداء، وعلى رأسهم أبو الشهداء الشيخ/ عبد القادر كبيري. نعم إرتريا التي ينعم فيها كل الإرتريين بالحرية والاستقلال الحقيقيين
الاخوة والأخوات – الحضور الكريم
إن هذه الذكرى العظيمة، تضعنا وجها لوجه أمام المستقبل الذي كان ينظر إليه شهيدنا الشيخ / كبيري، والتي تتمثل في الأمل بمستقبل مشرق، والتمتع بسلام مستدام مع الاستقرار والحرية والكرامة، الحرية التي تمكن شعبنا من العيش في كنف الوفاق الوطني، مفعمين بقيم العدل والمساواة.
إن هذه الذكرى تعيننا على تجاوز الحاضر، وتساعدنا على تحمل مسئولياتنا التاريخية في مهمة التغيير، كما تحمل آباؤنا مسؤولياتهم التاريخية في العمل من أجل الاستقلال، إدراكا على أن البذل والعطاء في حياة الشعوب لا تتوقف طلبا لحياة افضل، ومن حق الأجيال القادمة علينا أن نورثهم وطنا جميلا معافى إنها مناسبة، لإحياء الأمل في دواخلنا، حتى لا يستحوذ علينا الألم الذي يفقدنا الأمل، لأنما اذاما فقدنا الأمل فقد مِتنا مرتين، بالتالي علينا التخلص من اليأس الذي صار مستحكما حتى في أوساط الناشطين في العمل السياسي المقاوم هذه المناسبة أيها السادة والسيدات، فرصة للتصالح مع خياراتنا؛ لأن من يهتز في منتصف الطريق، هو كالذي يخاف من اختياره، والخوف من خياراتنا، يعني اليأس نفسه. فالشيخ الشهيد/ عبد القادر كبيري، وكل شهداؤنا الذين مضوا إلى ربهم، عقدوا صلحا أبديا مع أنفسهم، ومن ثم تصالحوا مع شعوبهم، وعاشوا منسجمين مع إيقاع الحياة الكريمة الحرة، لا كيفما جاءت الأهواء، عاشوا لأهدافهم واستشهدوا دفاعا عنها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسين عبد الواسع
رئيس حزب النهضة فرع استراليا
ملبورن
الـ 25 مارس 2017